السبت، 5 ديسمبر 2015

حوار مع الاستاذ علي عثمان محمد طه - الجز الثاني













الحلقة الثانية

الخلاف والانقسامات أصبحا سمة بارزة في مسيرة الحركة الإسلامية، التسابق للظفر بالسلطة وإغراءات الحكم أصابت الحركة بكثير من الأدواء حسبما يرى المراقبون. ويبقى السؤال هل مازال لها دينامكية الاستمرار؟ ما هو النقد الذي يمكن أن يوجه لممارستها السياسة باسم "حزب المؤتمر الوطني"؟ وأين أصابت في الحكم والدعوة؟ وأين أخفقت؟ وهل كانت قياداتها بمستوى تحديات البلاد ومشروعها الدعوي؟ بهذه العناوين الكبيرة جلسنا إلى الأمين العام السابق للحركة الإسلامية وأحد الذين لهم إسهام وافر في تأسيسها ومن قلائل الذين يحتفظون "بشفراتها" وخباياها وأسرارها النادرة منذ مراحل تأسيسها الأولى وإلى كلمة «الوطن الغالي »
 التي اوصلتها إلى السلطة وحتى هذه اللحظة، إنه الأستاذ علي عثمان محمد طه النائب الأول السابق لرئيس الجمهورية الذي قدم إفادات وإجابات أكثر صراحة ودقة .. معاً لتفاصيل الحوار.
حوار / علي عبدالكريم – عبدالباسط ادريس
تصوير : معاذ جوهر

عملية التمكين صحبتها الكثير من التجاوزات والاخطاء  واحتكار المؤسسات ؟
جرت تطبيقات كثيرة لهذه الفكرة وأحرزت نجاحات في مقامات عديدة واندفع شباب الحركة الإسلامية المؤهل القادر ليؤدي تكاليف صعبة في وجه تحديات؛ وأنجز إنجازات باهرة في مجالات "البترول والاتصالات والسدود والتنمية ومجالات المرافق والمنشآت العامة وفي مجال الدفاع عن العقيدة والدين والدولة وفي مجال الأمن القومي حيث استشهد فيها أعداد كبيرة من الناس" ولكن بالمقابل كان هناك  فهم خاطئ لتطبيق  مفهوم " التمكين " جعل من المرافق العامة وكانها حكر للاسلاميين ، وهذا مماينبغي ان يتحرر فيه الفهم وان يعاد الى اصل النظر الفقهي الذي بنيت عليه فكرة التمكين والتي لاتتناقض مع عدالة توزيع الفرص بين اعضاء الحركة الاسلامية وغيرهم ومع حقوق المواطنة التي تقوم على المنافسة والمؤهلات بشكل اساسي وليس الولاء السياسي ، ايضاً هناك أفراد كانوا أقل من "التكليف وأقل من أمانة المسئولية "وقد حسبت هذه على الحركة وسعى ويسعى معارضوها وخصومها لتضخيمها، لتلغي كل ما أنجزته الحركة الإسلامية من نجاحات.
وما هو تقييم تجربة حكم الحركة في ميزان النجاح والفشل؟
في تقديري أن التجربة في مجملها تجربة ناجحة وأن حسناتها وإيجابياتها تفوق نقاط الضعف والتقصير والأخطاء، وهذا لا يعني أن نبرر الأخطاء أو نسترها وهو واجب مؤسسات الحركة الداخلية، - خاصة أنها الآن تواجه مؤتمراً تنشيطياً ومؤتمراً عاماً في العام القادم-، عليها أن تراجع فيه نقاط الضعف وأن تنظر في تطوير آلياتها وفقهها ونظرتها وسياساتها.
هنا قد يطل سؤال عن مدى فاعلية ونجاعة مؤسسات الرقابة الداخلية للحركة وعن غياب المساءلة والعقاب!!
هذه من المسائل التي ادعو إلى أن يتجدد فيها فكر الحركة بالتوسع والتعمق باتجاه "فقه التولية والمحاسبة والعزل من المواقع داخل الحركة وفي الدولة وفي الحياة العامة" وهذه من المسائل المؤكد أننا الآن أمام امتحان حقيقي فيها .

هناك استدلالات ونظريات تاسست الان على قضية "فشل الحركة الاسلامية في الحكم" ؟
صحيح ليس هناك مجال للكمال البشري ولكنني لا اتفق مع من يقولون ان المشروع الاسلامي قد فشل وانه قد فقد الرؤية ، الرؤية موجودة والمشروع الاسلامي يظل يملك مقومات النجاح وحقق نجاحات مقدرة وهي السر وراء بقاءه الان خياراً متقدماً وراجحاً لكثير من قطاعات الشعب السوداني " ولكن (بذات القوة والوضوح نقول ان هذا النجاح تصاحبة فاتورة اخفاق وفشل تقتضي بذات العزم تصحيحها وتوليد رؤية وقيادات جديدة ).
عملياً لاتزال القيادات التاريخية موجودة وليس هناك قيادات جديدة بالمضمون الذي تحدثت عنه؟
هذه من المسائل التي كانت ايضاً امتحاناً للحركة الاسلامية كمشروع وبرنامج هو مدى قدرتها على تجديد القيادات و في تقديري انها رؤية متصلة (بالتولية والعزل) وهي طبعاً عملية واجهت المسلمين منذ الفجر الاول ، مثل :ماهي معايير تولية الولاة  ؟ وشغب فيها الناس حتى في عهد الخليفة الثالث عثمان بن عفان ، وكانت واحدة من مداخل الفتنة الكبرى في التاريخ الاسلامي ، (وقناعتي ان الحركة الاسلامية الان تحتاج لوقفة واضحة فيما يتعلق بقضية مايسمى الان في المصطلح السياسي "تداول السلطة او تداول المسؤولية والمواقع" ولابد من معيارية اكثر وضوحاً في المؤهلات التي تدفع بالشخص الى الموقع ثم بالشروط التي تحكم استمراره ومتى يخرج من الموقع ليأتي خلفه ) الان وقعت بعض المبادرات هنا وهناك لخروج بعض الناس من المواقع في محاولة لتأكيد او لرسم هذه الصورة  في مسالة تداول المواقع طوعاً دون ان يكون ذلك بسبب الاخفاق او رفض الناس .
هنا سؤال ملح حول لماذا ارتبطت عملية التعاقب الدوري وخروجكم بانها نتيجة لصراع حول السلطة وليس تغيير كما اشرتم؟
هذه نقطة مهمة  ،  كما قلت ليست هناك ادبيات قاطعة وواضحة في موضوع التداول الداخلي للمواقع ، انا قلت الان هي من المسائل والتحديات التي تواجه الحركة الاسلامية ورؤيتي وقناعتي انه لابد من تنوع الخبرات وتجديد القدرات على تنفيذ التحدي المعين ، وكل انسان لديه طاقة معينة يجب ان يقف عندها.. والحديث عن ان التغيير نتيجة لصراع هو يقود الى سؤال حول : هل هذا يعني ان اي تغيير او تداول يعني انه صراع بين مجموعات ؟ هذا ليس بالضرورة صحيحاً وقد تتفاوت بين الناس حتى وهم في مواقع متشابهة او متباينة الرؤى والافكار وقد يتطلع الناس –التطلع الى السلطة والتقدم هذه طبيعة بشرية- لن ينجوا منها لا اخ مسلم ولاعضو حركة اسلامية ولا اخرين ولكن المفترض ان الانتماء الى الحركة والاحتكام الى مرجعية دينية "يشذب" هذا التطلع ويجعله في الاطار المشروع والمقبول دينياً واجتماعياً وسياسياً - هو في ذاته ليس عيباً لان الحياة لابد ان تكون مبنية على الحافز وان يتقدم الانسان ويقدم افضل ماعنده- ولكن لابد ان يسلك اليه او ان يكون تطوره الطبيعي عبر الاطر التنظيمية التي يرتضيها الناس بلوائحهم وتجاربهم التنظيمية ، اما ذلك الطموح الذي تتخذ اليه مسائل موازية او خارج اطار  التنظيمية فهو المعيب.
هل سيستمر اتساع تداول الاسلاميين للسلطة ؟
في تقديري بالتغييرات التي طرات من حوالي عامين – اصبح الحديث ان البقاء المتطاول في السلطة لم يعد هو الاساس وانما الاستثناء- وهذه علامة صحة  وتعافي لابد ان يضطرد ، ولكن ان رجعت لقائمة الذين تداولوا السلطة – من حيث الاسلاميين- ستجد ان اعداد كبيرة جداً قد اتيحت لها الفرصة وصحيح ان اعداد اكبر لم تجد فرصتها وهذا امر طبيعي لان المواقع محدودة .
وماهو التحدي الابرز الذي يواجه الحركة الاسلامية في ظل المتغيرات الوطنية الراهنة؟
هو تحدي ( التداول مع الاخرين ) وهذه من التحديات بالنسبة للحركة الاسلامية فمن ناحية فكرية اولاً : لابد من توفيق فكري بين (فكرة التمكين التي ينبغي ان تكون للمبادئ والقيم والاهداف) وفكرة التداول السلمي سواء بين افراد الحركة او مع القوى السياسية او القوى الدينية والاجتماعية الاخرى ، والذي اقوله بالصوت العالي –وهذا اكبر تحد للحركة الاسلامية-  انه لاينبغي ان يكتب في التاريخ او مايسمى "الاسلام السياسي" او الحكم الاسلامي في السودان انه تجربة خاصة بالحركة الاسلامية او بالمؤتمر الوطني وانا ادعوا ان يقف الجميع امام هذه النقطة لنفتح افقاً  جديداً ليكتب في التاريخ يوماً ما ان تجربة الحكم الاسلامي في السودان هي كانت تجربة اهل السودان مسلمهم وغير مسلمهم وهذه في نظري هي النقطة الجوهرية التي ينبغي ان يدور حولها الحوار الوطني الان .
ما المعنى المقصود تحديداً بالنقطة  الجوهرية  ؟
بمعنى ان التحدي امام  الحركة الاسلامية  والمؤتمر الوطني في كيفية ان يجعلا من الحوار الوطني "السياسي والمجتمعي" بل والحركة الثقافية والفكرية عموماً تنتهي سواء الان او غد باتجاه ثوابت ومشتركات تؤسس لنظام دستوري وسياسي يتوافق عليه الناس وتكون مادته الاساسية وتوجهاته وبوصلته لحكم الناس هي القيم والمبادئ الاسلامية  وان يتنافس الناس في ما دون ذلك او ان يتعاونوا بمعنى انه سواء تنافسوا بعد ذلك وكان الحكم للمؤتمر الوطني او الحركة الاسلامية منفردة او لمجموعة اخرى لاضير فيكون هنا التداول قد وقع بين الناس في وسائل التنفيذ وليس في مرجعيات الافكار التي يمكن ان يحكم بها الناس وهذا هو الذي يمكن ان يقود للاستقرار السياسي .
وهل هذا وحده كفيلاً بتحقيق الاستقرار ؟
الناس يريدون القاعدة الصلبة التي يحدث بها الاستقرار وليقدمون افضل ماعندهم لا لتضطرب البلاد بمجئ كل مجموعة تحمل فكراً لاتتفق معها المجموعة الاخرى وهذا مايجعلهم يبحثون عن " دستور" وعلي الحركة الاسلامية بما حازته من السلطة والتجربة ، العلاقات الداخلية والخارجية ان تتقدم الصفوف بطرح واضح نحو هذا الامر ، طرح يجعل من صياغة دستور دائم اكثر قدرة على النجاح والاستقرار .
حتى وان ادى ذلك لخروج الحركة الاسلامية والمؤتمر الوطني عن الحكم؟
ان تحقق هذا وكانت هذه رغبة اهل السودان فليكن  ولاينبغي ان نجعل مصير تطبيق الاحكام الاسلامية في السودان  مرتبطاً ببقاء الحركة الاسلامية في الحكم لان هذا  "تضييق لواسع .. تضييق لواسع" وانما ينبغي ان يكون استمرار الحكم وتوجيه الشريعة واحكام الدين للحياة العامة و ان يكون ذلك مرتبطاً بقوة التوجه الاسلامي العام لمسلمي السودان ولاهل السودان بما فيهم غير المسلمين الذي تكفل لهم حقوقهم ونصل معهم الى كلمة سواء .
بالمقابل هناك راي اخر اكثر تطرفاً يريد حل الحركة الاسلامية والمؤتمر الوطني؟
كل انسان له الحق ان ينظر كما يشاء ولكن "ان كان المقصود باقصاء الحركة الاسلامية والمؤتمر الوطني اقصاء التوجه بالتحاكم نحو الاسلام ومرجعية الاسلام للحياة العامة ، فهذا امر قد حسمته حركة التاريخ في السودان والذي يقول بهذا يسبح عكس التيار "، ولكن اذا كان المقصود هو ان جماعة ما او تنظيم ما قد ارتكب من الاخطاء مايستلزم ان يترجل لتأتي جماعة اخرى فهذا مجال مفتوح وحق مشروع للناس يتنافسوا فيه لبلورة الراي العام وكسب تأييده وانتظار حكمه عبر الاليات المشروعة التي يرتضونها  في الانتخابات والشورى.
هل صحيح انك قررت اعتزال السياسة ؟
دعني بداية اقول واعترف بمسؤوليتي في انني كنت من الذين "نادوا وقادوا حركة التغيير والتداول الطوعي في داخل الحركة الاسلامية وداخل المؤسسة السياسية في المؤتمرالوطني " وهذه كانت عن القناعة التي اسلفت وتجدني "بعد عامين و حتى اليوم انا اكثر قناعة بتلك الرؤية وبذلك القرار الذي شاركت في اتخاذه " ولان مفهومي للعمل العام وللدعوة ولتطبيق فكرة الحركة الاسلامية او العمل السياسي هو ان السياسة هي النفع العام والسعي لتحقيق مصلحة المجتمع ومافيه خيره ، وفقاً لاحكام الدين وبالتالي قصر المفهوم العام والمصلحة العامة في تولي المسؤوليات التنفيذية السياسية او الوزارية او الادارية المباشرة فقط ، هذا مفهوم ضيق وهذا هو الذي سعينا واسعى الان لتوسيعه من خلال تأكيد ان رجل الدعوة ورجل العمل العام لاينتهي دوره ولاينحصر في بقاءه في موقع مهما كان هذا الموقع رفيعاً ،اومتوسطاً او قاعدياً وانما تتسع امامه فرص النفع العام والعمل العام في تجليات وصور مختلفة ، وكما يمكن ان تكون في العمل التنفيذي اليومي والاداري "يسمونه العمل السياسي والدستوري" ، يمكن ان يكون ايضاً في عمل الدعوة والذين يعملون الان في مجال الدعوة هم رجال سياسة ، لاننا ليس لدينا فصل بين سياسة ودعوة بهذا المفهوم العلماني .
عفواً .. هناك حديث نسب اليك بانك اتخذت قرار باعتزال العمل السياسي ؟
انا لم ادعوا اي جهة لاعلان انني استقلت او انسحبت من العمل السياسي ، وانا مازلت عضواً في المؤسسات السياسية والتشريعية " في البرلمان والمكتب القيادي للمؤتمر الوطني وفي المجلس القومي للتخطيط الاستراتيجي" وهنا لابد من كلمة عتاب للاخوة (الصحفيين) الذين حاولوا ان يجعلوا منها قضية اما " للاثارة" او "للتشويش على مارادت ان اقوله في اللقاء الذي تم مع مجموعة المبدعين" ، لانني قصدت في ذلك اليوم ان اشير الى هذا المعنى وهو اذا سأل بعض الناس عن الغياب او الانسحاب من المواقع الدستورية والتنفيذية  اليومية التي تعودوا ان يروا الانسان من خلالها فليس معنى هذا ان الانسان قد انسحب من العمل العام ومن السعي لنفع الناس وتطوير حركة المجتمع وتحقيق الاهداف التي يؤمن بها ، ويتقرب بها الى الله من خلال اسعاد الناس والسعي اليهم عبر العمل الطوعي، ويمكن القول اني خفضت مشاركاتي اليومية في العمل التنفيذي السياسي الاداري المباشر ، لصالح العمل الطوعي والانساني العام ، ولكنني الى ان القى الله ساظل اسعى ان تكون "صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين" .
 كيف وجدت  ميدان العمل الطوعي والانساني ؟
طبعاً علاقتي به قديمة على الصعيد الشخصي وعلى الصعيد الحركي والفكري ،لان من مزايا ومؤهلات الحركة الاسلامية انها بدأت حركة قاعدية وحركة مجتمع وكانت تؤسس للتكافل وتسعى لاقامة جمعيات ومنظمات تسعى للعمل الخيري وكانت لها مجالات واسعة  في ذلك مثل جمعيات "شباب البناء ورائدات النهضة ومنظمات خيرية وجمعيات طبية اسلامية تقدم العلاج المجان واقامت مدارس مخفضة " والعمل الاجتماعي ليس ناشئ و لا طارئ على الحركة الاسلامية ولا على الاسلاميين ، واتصالي به تطور عندما كان مدخلي للعمل السياسي التنفيذي الاداري ووزراة التخطيط الاجتماعي وظللت قريباً من هذا الملف حتى بعد ان انتقلت لرئاسة الجمهورية ولمواقع اخرى ، ظللت ارعاه حتى وانا في وزارة الخارجية .
لكن في مجال العمل التطوعي تقدم المجتمع بمبادراته على الحركة الاسلامية  بشكل واضح ربما جعل من مؤسسات الحركة ومبادراتها غير مواكبة؟
هذا خير وهذا ليس عيب ولاطعن في الحركة الاسلامية وانا انظر اليها من الجانب الايجابي ، والحركة الاسلامية اصلاً لاتريد ان تكون وصية ، ولاهي اليد العليا التي تعطي دائماً ، وانما ارادت ان تفجر طاقات الخير في المجتمع وان يتسابق الناس في الخيرات هذا من علامة صحة الايمان وتعافي المجتمع وليس ضعفاً لمن اطلق المبادرة ، ..و كل باب للخير تدعوا له وتقدم فيه نماذج اذا ما التقطه الناس وطوروه ومضوا الى الامام فهذا نجاح لانك ماينبغي ان تظل حيث انت وانما ان تراود مجالات جديدة تقدم فيها النماذج ويختطفها الاخرين وهذا يصيبك بالسعادة ، واذا تبين ان ادواتك التي استخدمتها فيها قصور او جمود ،عليك  ان تقوم بمعالجتها وتطويرها ، و ليس بالضرورة ، ان يكون حصانك هو السابق في كل المجالات وهذه فيها انانية ومحاولة لحصر الدين واشاعته فقط في الحركة الاسلامية وانا دائماً لا انظر لهذا وانا ليست لدي حساسية في ان ارى احصنة وخيول من خيول الله تجري وتسبق بالخير في مجالات شتى كان للحركة الاسلامية فيها سبق ولكن الان جوادها فيها سبقته جياد اخرى لان الحركة الاسلامية مهمتها ان تشيع في الناس الخير لا ان تظل هي المهيمنة عليهم.
الانقسام هل اثر كثيراً على حاضر الحركة ؟
اي انقسام هو ضعف الا فيما جرت به نواميس الله في انقسام خلايا الانسان لينمو جسمه ، ولكن حتى خلايا الجسم احياناً اذا تكاثرت وانقسمت بطريقة تخالف الناموس الطبيعي فان ذلك دلالة على امراض سرطانية .. واي جماعة تنقسم مهما كانت مبررات الانقسام فالخاسر هو طرفا الانقسام وهذه هي القناعة التي لاتهتز في دواخلي ، ومسيرة الحركة الاسلامية تفسر هذا ومسيرة كل الاحزاب السياسية التي تقسمت ، انظر للحزب الاتحادي  وحزب الامة والحزب الشيوعي -وسمي ماشئت -في الداخل والخارج ، " لكن العبرة هي الا يقف الناس يبكون على مافات وانما يبحثوا عن الكيفية التي يمكن بها تجديد مواعين المسلمين وحشد اهل السودان مسلمهم وغير مسلمهم ، ويتطور الى الامام وبدلاً عن ان نتحدث الان فقط  عن وحدة الاسلامين بما كان قائم في نهاية التسعينيات علينا ان نفكر الان كيف يمكن ان نطور – وهذا امر يرتبط بمستقبل الحوار السياسي الان- ان نطور  نحن المؤتمر الوطني ليصبح اكثر قدرة على اجتذاب الولاء لاهل السودان والتعبير عن مكنوناتهم  وجمعهم في صفه وكيف يمكن ان نكون نحن مع الاخرين قادرين على ان نعين على ان تقوى الادوات الحزبية والاوعية الحزبية عند الاخرين لانني اؤمن بان حزباً واحداً لن يسع الجميع ،وهذه ايضاً من تجارب تطور الحركة الاسلامية وجربناها حينما تحدثنا عن (التنظيم الشامل) في بداية تجربة المؤتمر الوطني في اوائل التسعينات وانا اؤمن باننا بحاجة لوجود احزاب سياسية ذات فكرة وذات قدرة تنظيمية ، تحيط بتنوع اهل السودان وامزجتهم لان الناس لايمكن تأطيرهم  وأطرهم في كيان واحد – صحيح ليس بهذه الكثرة التي نراها الان في الساحة – ولكن في تقديري مرحلة انتقالية وهي مرحلة البحث عن مايمكن ان يتجمع فيه الناس شكلاً وفكرة .
ماهو رأيك في تقرير المراجع العام الاخير ؟
المراجع العام تقريره واحد من الاضواء الكاشفة التي تؤكد شفافية الاداء العام للدولة وتهزم كثير من الاصوات التي تقول ان الدولة تتستر على نقاط "الفساد او الضعف والتجاوز" وهذه ميزة تحسب للتقرير - وانا هنا ابعث بتهنئة للمراجع العام ومعاونية على الجهد والمنهج الذي يتبعونه في تقديم تقاريرهم بامانة وشفافية- لكن بالمقابل انا ادعوا ان تكون الالية المقابلة لتقرير المراجع العام الية قادرة على ،متابعة وانفاذ التوصيات التي ترد فيه بعد التقصي والمراجعة والوقوف على تعليقات وتفسيرات الجهات التي يشير اليها التقرير لتكون قادرة على التصحيح والتصويب سواء اقتضى ذلك " مراجعة تشريعات او لوائح او نظم او محاسبة مسؤولين على مستوى اداري او تنفيذي دستوري " ولابد من التأكيد على انه لا احد فوق مجال المحاسبة متى ماثبت بموجب القانون ان المخالفات التي وردت بحقه او التصرفات التي نسبت اليه تشكل ضرراً للمصلحة العامة او للاقتصاد القومي ، والتقرير من جانب اخر يكشف مدى التشعب الواسع الذي تقوم عليه بنية الدولة ويكشف عن الحاجة لمراجعة ومعالجة الاصلاح الاداري المستمر من جانب الهياكل والنظم ، لاحكام التنسيق وتقليل التقاطعات  حتى تكون الاجسام التنفيذية اكثر رشاقة ومن ناحية عنصر التركيز على التنمية البشرية ، لان كثير من الاشارات الواردة في التقرير مردها في تقديري الى ضعف الكادر ،حتى في القطاع الخاص وشركات المقاولات والشركات المنفذة لبعض المشروعات ، الى جانب احكام قواعد العطاءوالمنافسة والعدالة والواقع يقول ان شركاتنا في القطاع الخاص وان قدراتنا التنفيذية في القطاعين العام والخاص بحاجة الى دورات مكثفة وجرعات قوية لرفع كفاءتها ومقدراتها التنفيذية ولابأس من النظر في عقد شراكات جديدة في جانب رفع الكفاءة مع شركات وبيوت استشارة اقليمية ودولية .
كيف تنظر لمسيرة الحركات الاسلامية المعاصرة خارج البلاد وما اجتازته في سباق الديمقراطية والحكم الرشيد؟
اولاً اتقدم بالتهنئة لهذه الحركات  التي استطاعت ان تحقق هذه الفكرة وان تصل لمعادلة وحكمة مع مجتمعاتها وتستمر في طرحها الفكري و السياسي بقوة ووضوح .. تهنئة للتجربة التركية التي انتصرت بمبدأ الشورى والديمقراطية في اطار واضح من القيم ولدول المغرب العربي " المغرب وتونس" وغيرها ،  ودعوة صادقة للحركات هذه التي استطاعت ان تصمد ولتلك التي تعثرت. ودعوة مفتوحة للحكومات والانظمة ان تاخذ موضوع الموقف من الاسلام بوضوح اكثر وبرحابة صدر اوسع وركون للحوار والصبر اكثر من المواجهة والحسم القانوني.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحركة الإسلامية السودانية_ المؤتمر التنشيطي النصفي